الجن والشياطين : حقيقة وجودهم وطبيعتهم

الوقت المقدر للقراءة : 17 دقائق

الجن والشياطين مخلوقات خفية أثارت اهتمام الإنسان منذ الأزل. يتميزون بصفات وقدرات غامضة تتجاوز حدود الفهم البشري. خلق الله الجن من نار، وجعل لهم وجودًا مستقلًا عن البشر. يعيشون في عالم غير مرئي، لكن أثرهم يظهر في حياة الناس ومعتقداتهم.

القرآن الكريم تحدث عن الجن بشكل مفصل. أشار إلى حقيقتهم وأصلهم وطبيعة حياتهم وأعمالهم. كما ذكرتهم الديانات الأخرى بأوصاف مختلفة، مما يجعل دراستهم موضوعًا مشتركًا بين الثقافات.

في هذا المقال، سنجيب عن عدة أسئلة هامة: من هم الجن؟ ما هي أصولهم وصفاتهم؟ كيف ذكرتهم الديانات الأخرى؟ ما هو دورهم في القرآن الكريم؟ ما هي أهم الآيات التي تناولت وجودهم؟ وما هي قصة الجن الذين استمعوا للقرآن؟ تابعوا القراءة لاكتشاف المزيد.

طبيعة خلق الجن

الجن مخلوقات خلقها الله قبل الإنسان بآلاف السنين. قال تعالى:

"وَخَلَقَ الْجَانَّ مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ".

القرآن الكريم، سورة الرحمن، الآية 15.

يشير ذلك إلى أن أصل الجن من النار، وهي مادة خفيفة وسريعة الحركة.

من ماذا خلقوا الجن؟

الجن خلقوا من النار الصافية. قال رسول الله ﷺ:

"خُلِقَتِ الملائكةُ من نورٍ، وخُلِقَ الجانُّ من مارجٍ من نارٍ، وخُلِقَ آدمُ مما وُصِفَ لكم".

صحيح مسلم، حديث رقم 2996.

هذا يفسر قدرتهم على الحركة السريعة والاختفاء.

هل الجن مرئيون؟

الجن بطبيعتهم غير مرئيين للإنسان. قال تعالى:

"إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ".

القرآن الكريم، سورة الأعراف، الآية 27.

ومع ذلك، يمكن أن يظهروا بأشكال مختلفة، مثل الحيوانات أو البشر، حسب إرادة الله.

قدرات الجن

الجن يتمتعون بقدرات خارقة تتجاوز قدرات الإنسان. من بين قدراتهم:

• السرعة الفائقة: يستطيعون التنقل بين الأماكن في لحظات.
• التخفّي: يمكنهم الوجود دون أن يشعر الإنسان بوجودهم.
• التأثير على البشر: قد يؤذون الإنسان إذا أرادوا، لكن ذلك يتطلب إذنًا من الله.

ما هي قواهم؟

قوى الجن تشمل القدرة على حمل الأشياء الثقيلة والتنقل بسرعة. كما يمكنهم الاستماع إلى أخبار السماء، كما قال تعالى:

"وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ".

القرآن الكريم، سورة الجن، الآية 9.

هل يمكنهم التأثير على البشر؟

يمكن للجن التأثير على البشر في حدود معينة، مثل الوسوسة والإغواء. قال تعالى: "مِن شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ" (سورة الناس: الآية 4). لكنهم لا يستطيعون السيطرة على الإنسان دون إذن الله.

و لهذا أوصانا نبينا محمد صلى الله عليه و سلم بالاستعاذة منهم عند الدخول إلى بيوت الخلاء لأنهم مساكن الشياطين، و أوصانا أيضاً بذكر إسم الله عند خلع الثياب و ذلك  لكي نستتر من عيون الجن و الشياطين.

يوجد من الجن المسلمون الذين لا يتعدون على البشر و لا يحاولون إختراق حياتهم، بل يعيشون في سلام يتعبدون لله،  و منهم من يحاربون السحرة، أو يحاربون مع المسلمين ضد الكافرين.

أنواع وأصناف الجن

الجن مخلوقات غامضة ذات أشكال وصفات متنوعة تختلف عن البشر تمامًا. يتصفون بقدرات خارقة وأماكن معيشة خاصة، كما تم ذكرهم في القرآن الكريم والسنة النبوية.

أصناف الجن وفق حديث رسول

الجن ينقسمون إلى ثلاثة أصناف وفق حديث رسول الله ﷺ:

1. الجن الطيار: يطيرون في الهواء بسرعات فائقة.
2. الجن الأرضي: يعيشون على الأرض ويتحولون إلى حيوانات كالحيات والكلاب.
3. الجن الساكن: يشبهون البشر في نمط حياتهم وتنقلاتهم.

قال رسول الله ﷺ:

"الجن ثلاثة أصناف: صنف لهم أجنحة يطيرون، وصنف حيات وكلاب، وصنف يحلون ويظعنون".

صحيح الجامع للألباني برقم: 3114.

أشكال الجن وصفاتهم

أشكال الجن مخيفة ومختلفة جدًا عن البشر. منهم من يمتلك عدة أعين أو عينًا في رأسه الخلفي، ومنهم من لديه أرجل عديدة أو رأسان. بعضهم قصير القامة، وآخرون طويلون جدًا بألوان جلد غريبة مثل الأزرق. هناك أيضًا الجن المركب، كأن يكون برأس إنسان وجسد حيوان، أو يجمع بين الزحف والطيران.

مقالات ذات صلة :

• الرُّقية الشرعية: سلاح المؤمن ضد السحر والحسد
• طريقة خطف الجن
• علاج تأخر الحمل، الإسقاط و العقم
• العلاج من السحر والعين
• تسجيلات خطف الجن

أنواع الجن في القرآن الكريم

القرآن ذكر أنواعًا متعددة من الجن، مثل:

• المارد: قال تعالى: "وحفظًا من كل شيطان مارد" (سورة الصافات: 7).
• العفريت: "قال عفريت من الجن أنا آتيك به قبل أن تقوم من مقامك" (سورة النمل: 39).
• القرين: "ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطانًا فهو له قرين" (سورة الزخرف: 36).

أماكن معيشة الجن

الجن الكافر يعيش في أماكن النجاسة كالحمامات وبيوت الخلاء. قال رسول الله ﷺ: "إن بالمدينة جنًّا قد أسلموا، فإذا رأيتم منهم شيئًا فآذنوه ثلاثة أيام..." (رواه مسلم). أما الجن المسلم فيمكن أن يسكن المنازل، ويعرفون بـ "عمار البيوت".

تصنيفات الشياطين

إبليس قسّم الشياطين إلى ملوك سفلية وعلوية، وزراء وخدام. لكل منهم مهمة محددة، مثل التجسس، حماية الكنوز، أو خدمة السحرة. الشياطين تفضل اللون الأسود وتنتشر أكثر في الظلام. قال رسول الله ﷺ:

"الكلب الأسود شيطان".

صحيح مسلم، كتاب الصلاة، باب قتل الكلب الأسود، حديث رقم: 510.

، وأشار شيخ الإسلام ابن تيمية إلى أن السواد يحتوي قوى شيطانية أكثر من غيره.

هذا التنوع في أصناف الجن يعكس حكمة الله في خلق عوالم مختلفة بقدرات فريدة ومهام متعددة.

علاقة الجن بالبشر

الجن والبشر عالمان مختلفان، لكنهما يتفاعلان بطرق متعددة. تحدث القرآن والسنة عن هذا التفاعل وأبعاده المختلفة. لفهم هذه العلاقة، يجب تحليل أنواع التفاعل، تأثير الجن، وطرق الحماية منهم.

التفاعل بين الجن والبشر

الجن يتفاعلون مع البشر بطرق متنوعة. بعضهم يتعامل مع الإنسان بشكل إيجابي أو محايد، بينما البعض الآخر يسعى للإيذاء. قال الله تعالى:

"وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا".

القرآن الكريم، سورة الجن، الآية 6.

يظهر هذا الآية التفاعل السلبي الناجم عن اللجوء للجن.

قصص التفاعل بين الجن والبشر

القصص عن الجن والبشر كثيرة. بعضها يدور حول مساعدتهم للبشر في المواقف الصعبة، وبعضها الآخر حول أذاهم. مثال على ذلك، قصة الصحابي الذي علّمه الجن آية الكرسي للحماية من الشياطين. رواها البخاري:

"فإذا أويتَ إلى فراشِكَ، فاقرأْ آيةَ الكرسيِّ، فإنه لا يزالُ عليكَ من اللهِ حافظٌ".

رواه الإمام البخاري في صحيحه حديث رقم: 2311.

تأثير الجن على حياة البشر

الجن يمكن أن يؤثروا على البشر بعدة طرق، منها :

• الوسوسة والإغواء: قال الله تعالى: "الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ" (الناس: 5).
• الأذى الجسدي أو النفسي: مثل الصرع أو الكوابيس المستمرة.
• التلبّس أو السيطرة: رغم أن هذا نادر ويحتاج إلى إذن من الله.

الحماية من شر الجن

الحماية من الجن تكون باللجوء إلى الله والتمسك بذكره. قال تعالى :

"وَقُل رَّبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ".

القرآن الكريم، سورة المؤمنون، الآية 97.

الأدعية والأذكار لحماية النفس

• قراءة آية الكرسي يوميًا: "اللَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ..." (البقرة: 255).
• قراءة سور الإخلاص والفلق والناس ثلاث مرات صباحًا ومساءً.
• الدعاء عند دخول المنزل: "بِسْمِ اللَّهِ وَلَجْنَا وَبِسْمِ اللَّهِ خَرَجْنَا".

السلوكيات التي تجلب الجن

هناك أفعال وسلوكيات قد تجلب الجن أو تؤدي إلى أذاهم، ومنها:

1. الاقتراب من الأماكن المهجورة أو المظلمة.
2. عدم ذكر الله عند دخول البيوت أو الحمامات.
3. اللجوء إلى السحر أو العرافين.
4. الاستماع للأصوات الغريبة دون الاستعاذة بالله.

لذلك، على المسلم التزام السلوكيات التي تحفظه وتجنب ما يجلب ضرر الجن. فهم العلاقة بين الجن والبشر يساعد على التعامل مع هذا العالم الغامض بحكمة وإيمان.

ما هو الفرق بين الجن و الشياطين ؟

لقد جعل الله سورة في القران بإسم الجن, وذكروا أيضاً في عدة سور أخرى, بلفظ الجن, الجان, الجنة أو الشياطين.

الشيطان هو الذي شطن عن أمر الله, و طغى في الكفر.

لقد ذكر الله  إبليس مع آدم عليه السلام و ذكره بلفظ الجن, حيث قال :

" وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا".

القرآن الكريم، سورة الكهف، الآية 50

و في آية أخرى تم ذكره بلفظ الشيطان, حيث قال الله تعالى في سورة الأعرف :

" يَا بَنِي آدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ يَنْزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ ".

القرآن الكريم، سورة الأعراف، الآية 27.

قصة إبليس

كان إبليس جن مسلم عابد لله, إلى أن طغى الحسد و الكبرياء على قلبه حيث لم يتقبل  أن الله خلق مخلوق من طين فكرمة و أمره هو بالسجود إليه بالرغم من أنه مخلوق من نار, فعصى أمر الله و تكبر فطرده الله من رحمته. قال الله تعالى :

"وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لآدَمَ فَسَجَدُوا إِلا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِن الْكَافِرِينَ".

القرآن الكريم، سورة البقرة، الآية 34.

هنا حقد إبليس على هذا المخلوق الذي يعتبر أن الله أغواه به، و قرر أن يبقى له بالمرصاد حتى يخرجه من الجنة و أخيراً وصل إلى غايته عن طريق الوسوسة لسيدنا آدم و حواء، فعصوا الله و أكلوا من الشجرة التي نهاهم عنها فاخرجهم الله من الجنة و أمرهم ثلاثتهم بالهبوط إلى الأرض.

"وَقُلْنَا يَاآدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنْ الظَّالِمِينَ(35)فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ".

القرآن الكريم، سورة البقرة، الآيتان 35-36.

لم يكتفي إبليس بعصيان الله و إخراج آدم من الجنة بل و طلب من الله أن ينذره إلى يوم البعث  و أقسم أنه لن يترك بني آدم بسلام و لن يكف عن محاولات اغوائهم و حثهم على الكفر.

"قال فبعزتك لأغوينهم أجمعين, إلا عبادك منهم المخلصين ".

القرآن الكريم، سورة ص، الآيتان 82-83.

لماذا خلق الله الجن ؟

الجن يمتلكون قدرات من عند الله تسمح لهم بالتأثير على البشر وإيذائهم أحيانًا، مما يثير تساؤلات حول الحكمة من خلقهم. الله خلق الإنس والجن لعبادته وطاعته، ومنحهم العقل والإرادة. مثل البشر، سيحاسب الجن يوم القيامة على أفعالهم وظلمهم.

"وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالأِنْسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ 56مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ".

القرآن الكريم، سورة الذاريات، الآيتان 56-57.

و نعلم أنه يوجد منهم المسلمون, لقوله تعالى :

" وأنا منا الصالحون ومنا دون ذلك ". و قوله :  " وأنا منا المسلمون ومنا القاسطون ".

القرآن الكريم، سورة الجن، الآيتان 11 و14.

إبليس وأعوانه، من الجن والإنس، يعادون البشر بسبب حقد إبليس على سيدنا آدم وذريته. أقسم إبليس على إغواء البشر وإفسادهم حتى يوم القيامة. في عصرنا، يعاني الكثيرون من تسلط الجن وتلبسهم، وهي حيل إبليس لاختراق عالم الإنس، خاصة المؤمنين، وتدمير حياتهم. المؤسف أن أعوان إبليس لم يقتصروا على الجن، بل أصبح هناك شياطين من الإنس، كالسحرة، الذين يدعمون عداوته للبشر.

هل رؤية الانسان  للجن وهم أو حقيقة  ؟

الله بحكمته جعل عالم الجن والشياطين منفصلًا عن عالم الإنس. رغم ذلك، هناك حالات يرى فيها البعض الجن. يحدث ذلك بسبب تأثير طاقة سلبية تثقب هالة الإنسان، مما يسمح برؤية الجن بدرجات مختلفة.

البعض يرى الجن المتلبس بهم فقط، وآخرون يرون عالم الجن بأكمله. لكن رؤية الجن بصورهم الحقيقية نادرة، لأنهم يتلاعبون بالأبصار ويغيرون أشكالهم. يمكنهم الظهور بصور مألوفة، مثل شخص يعرفه الإنسان.

هناك من لا يصدقون إمكانية رؤية الجن، ويعتبرونها أوهامًا. لكن السنة أثبتت إمكانية ذلك. في صحيح البخاري، ظهر الشيطان لأبي هريرة في صورة رجل فقير وسرق طعام الصدقة، ورآه أبو هريرة وكلمه.

أسباب تعدي الجن على الانسان

الجن الكفار هم الأكثر تعديًا على البشر، حيث يستمتعون بإيذائهم نفسيًا وجسديًا. هدفهم الأكبر هو تدمير حياة الإنسان بإحباطه، إدخاله في اليأس، وضيق معيشته. تعدي الجن يتأثر بعدة عوامل وأسباب، منها:

1. السحر: السحر الداخلي أو الخارجي يعد وسيلة قوية يستخدمها الجن للتسلط على البشر.
2. ألعاب استحضار الجن: مثل لوح الويجا وغيرها، تجلب الجن وتفتح بابًا للتعدي.
3. العين القوية والحسد: تأثير العين والحسد يضعف الإنسان، مما يجعل الجن يتمكن منه بسهولة.
4. تلبس الجن العاشق: قد يستمر لفترات طويلة ويتسبب في أذى نفسي وجسدي.
5. الذبح بدون تسمية الله: ترك التسمية عند الذبح قد يجلب الجن إلى المكان.
6. ارتكاب الكبائر: المعاصي الكبرى تُضعف حماية الإنسان وتجعله عرضة لتعدي الجن. قال تعالى: "الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ" (القرآن الكريم، سورة البقرة، الآية 275).
7. عبادة غير الله: الشرك بالله يفتح أبوابًا لتسلط الشياطين.
8. الأمراض النفسية والصدمات: الفراغ العاطفي أو الصدمات النفسية يجعل الإنسان أكثر عرضة للتأثيرات السلبية.

تجنب هذه الأسباب والتمسك بذكر الله والأذكار اليومية يساعد في حماية الإنسان من تعديات الجن.

علاقة الجن بالسحر

السحر عمل كفري وشرك بالله، يتم عبر استعانة الساحر بالشياطين مقابل تقديم القرابين وارتكاب الفواحش. يهدف السحر إلى التحكم في حياة الضحية، مثل تعطيل الزواج، التسبب بالجنون، أو إحداث العقم.

السحرة يخدمون الشياطين الكبار لتحقيق أهدافهم في إيذاء البشر، بينما الشياطين الصغار يخدمون السحر. عند صنع السحر، يستغيث الساحر بملوك الجن لتسخير جنود لخدمته وحراسة السحر. يتم تقييد الجن بالسلاسل أو إجبارهم بعقود وتهديدات ليظلوا تحت سيطرة السحر.

يتم برمجة الجن وفق غاية السحر كطاقة شيطانية موجهة. يتغذى الجن من هذه الطاقة، ويتسلط على الضحية عبر الوسوسة، التأثير على قراراته، وتغيير سلوكياته بواسطة عقد نفسية.

علاقة الجن بالعين و الحسد

العين والحسد طاقة سامة تنبعث من العائن وتصيب المعيون في نعمه كالصحة، المال، أو الذرية. الجن والشياطين مرتبطون بالحسد، إذ إن إبليس نفسه حسد آدم عليه السلام، مما أدى إلى عصيانه لله.

إبليس يكلف فئة من أتباعه بالتحريض على الحسد. يوسوسون للناس بالنظر لنعم غيرهم، ويستدرجونهم للغفلة عن ذكر الله والدعاء بالبركة. عندما يحدث الحسد، يلتصق الجن بالطاقة السلبية المنبعثة ويستغلها لإلحاق الأذى بالمعيون.

بعد التصاق الجن بهذه الطاقة، يدخل جسد المحسود ويعقد نفسه بها، مما يجعله غير قادر على الخروج إلا بزوال أثر العين أو توبته.

كيف نحمي أنفسنا من الجن والشياطين؟

مع معرفتنا بخطورة الجن والشياطين، يتساءل الكثيرون عن طرق الحماية منهم والتحصن ضد أذاهم. الإسلام قدم إرشادات واضحة لتحصين النفس من شرهم.

نبينا الكريم ﷺ أوصانا بإغلاق الأبواب والنوافذ عند المغرب وعدم ترك الأطفال خارج المنزل في هذا الوقت، لأن الشياطين تنتشر حينها. كما أوصانا بقراءة أذكار المساء، وهي درع حصين يحفظنا من أذاهم.

نصائح لتحصين النفس من الجن والشياطين:

1. المواظبة على أذكار الصباح والمساء والنوم: من أقوى وسائل الحماية.
2. عدم الصراخ في الأماكن المظلمة أو بيت الخلاء: لتجنب جذب الشياطين.
3. قراءة: "أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق": عند دخول مكان مهجور أو غير مألوف.
4. قول: "أعوذ بكلمات الله التامات من كل شيطان وهامة ومن كل عين لامة": عند الخروج من المنزل.
5. الاستعاذة من الخبث والخبائث: عند دخول بيت الخلاء.
6. ذكر اسم الله عند تغيير الملابس: لحجب العورات عن أعين الجن.
7. البدء بالبسملة والأكل باليمين: لتحصين الطعام والشراب.
8. النوم على طهارة وقراءة آية الكرسي: لضمان الحماية خلال النوم.
9. غلق الأبواب والنوافذ عند المغرب: لتجنب دخول الشياطين.

قال الله تعالى: "إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا" (فاطر: 6). هذه الآية تأمرنا بمعاملة الشيطان كعدو دائم والترصد لحيله.

الوعي بخداع الشياطين هو أول خطوة للحماية. الجهل بوجودهم يجعل الإنسان أكثر عرضة لأذاهم. الاستعاذة المستمرة وذكر الله بانتظام تبعدهم عنا وتجعلنا في مأمن من مكرهم. التحصين اليومي ليس مجرد عبادة، بل وسيلة فعالة لحماية النفس والعيش بسلام.

الخاتمة

الجن والشياطين مخلوقات خفية لكنها حاضرة في حياتنا ومعتقداتنا. القرآن الكريم والسنة النبوية قدما لنا فهمًا عميقًا لحقيقتهم وأصلهم وأدوارهم. رغم قدراتهم الخارقة وتأثيرهم المحتمل على البشر، إلا أن الله منحنا وسائل فعالة للتحصن منهم.

من خلال التمسك بذكر الله، قراءة القرآن، والالتزام بالأذكار اليومية، يمكننا حماية أنفسنا من شرورهم. الوعي بحيل الشياطين وتجنب الأفعال التي تجذبهم، مثل السحر أو الغفلة عن ذكر الله، هو مفتاح العيش بسلام.

علينا أن نتذكر دائمًا أن الجن والشياطين، رغم قوتهم، لا يستطيعون التأثير علينا دون إذن الله. ومع التمسك بالإيمان والعمل الصالح، نضمن أن يكون عالمنا الإنساني في مأمن من تأثيراتهم السلبية، مما يجعل علاقتنا بهم مبنية على الفهم والحذر.

الأسئلة الشائعة

المراجع

الدريس et عبدالله. الجن في التراث العربي دراسة ببلوجرافية. مجلة کلية الآداب جامعة أسوان, 2024, vol. 16, no 2, p. 216-284.‎

الكبيسي, د طه ياسين ناصر الكبيسي et د. طه ياسين ناصر الكبيسي. الجن في ركب المؤمنين في ضوء سورة الجن–دراسة موضوعية. مجلة کلية الدراسات الإسلامية بنين بأسوان, 2024, vol. 7, no 1, p. 119-169.‎